كانت تخاف من أن يُغلق عليها داخل نعش وأن تُدلَّى في أرض أميركا.لذلك كتبت وصية اشترطت فيها أن تُحرق جثتها بعد موتها، وأن يُنثر رمادها في الهواء. تيريزا وتوماس ماتا تحت شعار الثقل. أما هي فأرادت أن تموت تحت شعار الخفة. سوف تصير أخف من الهواء. وحسب رأي بارمينيد، فإن موتها تحوّل من السلبي إلى الإيجابي.

كان الحب بينه وبين تيريزا جميلاً، بكل تأكيد، ولكنه كان متعباً: وجب عليه دائماً أن يخفي أمراً ما، وأن يتكتم، وأن يستدرك، وأن يرفع من معنوياتها، وأن يؤاسيها، وأن يثبت باستمرار حبه لها وأن يتلقى ملامات غيرتها وألمها وأحلامها، وأن يشعر بالذنب، وأن يبرر نفسه وأن يعتذر . . الآن كل التعب تلاشى ولم تبقَ إلا الحلاوة.

لم يكونا متحدين بحنان إلَّا في الليل أثناء النوم. كانا يمسكان دائماً بأيديهما فتُنسى عندئذ الهاوية (هاوية ضوء النهار) التي كانت تفصل بينهما. ولكن هذه الليالي لم تكن تعطي توماس لا الوقت ولا الوسيلة لحمايتها والاعتناء بها. لذلك فهو عندما كان يراها في الصباح ينقبض قلبه ويرتجف خوفاً من أجلها: كانت تبدو حزينة ومتوعكة.

لقاءه بتيريزا كان حصيلة صدف ست بعيدة الاحتمال. لكن، خلافاً لذلك أفلا تقاس أهمية حدث، وكثرة معانيه بارتباطه بأكبر عدد ممكن من الصدف؟وحدها الصدفة يمكن أن تكون ذات مغزى. فما يحدث بالضرورة، ما هو متوقع ويتكرر يومياً يبقى شيئاً أبكم. وحدها الصدفة ناطقة. نسعى لأن نقرأ فيها كما يقرأ الغجريون في الرسوم التي يخطها ثفل القهوة في مقر الفنجان.

من يبغي «الارتقاء» باستمرار، عليه أن يستعد يوماً للإصابة بالدوار. لكن ما هو الدوار؟ أهو الخوف من السقوط؟ ولكن لماذا نصاب بالدوار على شرفة السطح حتى ولو كانت مزودة بدرابزين متين؟ ذلك أن الدوار شيء مختلف عن الخوف من السقوط. إنه صوت الفراغ ينادينا من الأسفل فيجذبنا ويفتننا. إنه الرغبة في السقوط التي نقاومها فيما بعد وقت أصابتنا الذعر.

القراءة شأنها شأن أي شيء آخر، ما لم نجد فيه بهجة، فإنه جهد لا يستحق التعب، من هنا تكمن مهمة القارئ، بأن يثق في كتابه حين يجد المتعة، وليمضي معه، حيث تكون، المتعة واللذة في القراءة أمر غامض، لربما تبدأ من نقطة ونجد أنفسنا فجأة في مسار مختلف آخر تماماً، الكثير يكتب سيراً ذاتية ومجيدة وعظيمة، لكن ليس كلها بالضرورة تخلق متعة للقارئ الجيد

إنه لمن المضحك-المبكي أن تصير أخلاقنا الحسنة بالتحديد في صالح الشرطة، والسبب أننا لم نتعلم الكذب. فصيغة الأمر: «قل الحقيقة!» التي رسّخها آباؤها وأمهاتنا في أذهاننا، تجعلنا نشعر بطريقةٍ آلية بالعار حين نكذب حتى ولو كنا أمام الشرطي الذي يستجوبنا. وإنه لأسهلَ علينا أن نتخاصم معه وأن نشتمه (وهذا لا معنى له) من أن نكذب عليه صراحة (فيما هذا هو الأمر الوحيد الذي يجدر القيام به).

ماذا بقي من محتضري كمبوديا؟ صورة كبيرة للنجمة الأميركية تحمل بين ذراعيها طفلاً أصفر.ماذا بقي من توماس؟ كتابةُ: أراد مملكة الله على الأرض.ماذا بقي من بيتهوڤن؟ رجل مقطب الوجه، مشعث الشعر كمجنون وينطق بصوت مكتئب «Esmuss Sein» «ليس من ذلك بدّ».ماذا بقي من فرانز؟ كتابةُ: بعد طول ضلال، العودة.وهكذا دواليك، وهكذا دواليك. قبل أن نُنسَى نتحول إلى «كيتش». «الكيتش» هو محطة اتصال بين الكائن والنسيان.

يمكن اختصار مأساة حياة «باستعارة» الثقل. نقول مثلاً إن حملاً قد سقط فوق أكتافنا. فنحمل هذا الحمل. نتحمله أو لا نتحمله ونتصارع معه، وفي النهاية إما أن نخسر وإما أن نربح. ولكن ما الذي حدث مع سابينا بالضبط؟ لا شيء. افترقت عن رجل لأنها كانت راغبة في الافتراق عنه. هل لاحقها بعد ذلك؟ هل حاول الانتقام؟ لا. فمأساتها ليست مأساة الثقل إنما مأساة الخفة والحمل الذي سقط فوقها لم يكن حملاً بل كان خفة الكائن التي لا تُطاق.

من البديهي أنها لا تعي هذه الحقيقة، وهذا شيء مفهوم: فالهدف الذي نلاحقه محجوب عنا دائماً . . حين ترغب فتاة شابة في الزواج فهي ترغب في شيء تجهله تماماً. والشاب الذي يركض وراء المجد لا يملك أدنى فكرة عن المجد. لذلك، فإن الشيء الذي يعطي معنى لتصرفاتنا شيء نجهله تماماً. سابينا أيضاً تجهل ما هو الهدف من رغبتها في الخيانة. أيكون الهدف منها الوصول إلى الخفة غير المحتملة للكائن؟ منذ رحيلها عن جنيف وهي تقترب أكثر فأكثر من هذا الهدف.

The approach to digital culture I abhor would indeed turn all the world's books into one book, just as Kevin (Kelly) suggested. It might start to happen in the next decade or so. Google and other companies are scanning library books into the cloud in a massive Manhattan Project of cultural digitization. What happens next is what's important. If the books in the cloud are accessed via user interfaces that encourage mashups of fragments that obscure the context and authorship of each fragment, there will be only one book. This is what happens today with a lot of content; often you don't know where a quoted fragment from a news story came from, who wrote a comment, or who shot a video. A continuation of the present trend will make us like various medieval religious empires, or like North Korea, a society with a single book.The Bible can serve as a prototypical example. Like Wikipedia, the Bible's authorship was shared, largely anonymous, and cumulative, and the obscurity of the individual authors served to create an oracle-like ambience for the document as "the literal word of God." If we take a non-metaphysical view of the Bible, it serves as a link to our ancestors, a window. The ethereal, digital replacement technology for the printing press happens to have come of age in a time when the unfortunate ideology I'm criticizing dominates technological culture. Authorship - the very idea of the individual point of view - is not a priority of the new ideology. The digital flattening of expression into a global mush is not presently enforced from the top down, as it is in the case of a North Korean printing press. Instead, the design of software builds the ideology into those actions that are the easiest to perform on the software designs that are becoming ubiquitous. It is true that by using these tools, individuals can author books or blogs or whatever, but people are encouraged by the economics of free content, crowd dynamics, and lord aggregators to serve up fragments instead of considered whole expressions or arguments. The efforts of authors are appreciated in a manner that erases the boundaries between them.The one collective book will absolutely not be the same thing as the library of books by individuals it is bankrupting. Some believe it will be better; others, including me, believe it will be disastrously worse. As the famous line goes from Inherit the Wind: 'The Bible is a book... but it is not the only book' Any singular, exclusive book, even the collective one accumulating in the cloud, will become a cruel book if it is the only one available.

ينتج عن ذلك أن الوفاق التام مع الكائن يتخذ مثاله الأعلى عالماً يُنتفى منه البراز، ويتصرف كل واحد فيه وكأن البراز غير موجود. هذا المثال الجمالي يدعى «الكيتش».«كيتش» هي كلمة ألمانية ظهرت في أواسط القرن التاسع عشر العاطفي، ثم انتشرت بعد ذلك في جميع اللغات. ولكن استعمالها بكثرة أزال دلالتها الميتافيزيقية الأصلية وهي: كلمة كيتش في الأساس نفي مطلق للبراز. وبالمعنى الحرفي كما بالمعنى المجازي «الكيتش» تطرح جانباً كل ما هو غير مقبول في الوجود الإنساني.

جاء في بداية سفر التكوين أن الله خلق الإنسان وجعله يتسلط على الطيور والأسماك والماشية. بطبيعة الحال، الحق في سفك دم أيّلٍ أو بقرة هو الشيء الوحيد الذي اتفقت عليه الإنسانية جمعاء بتآخٍ حتى خلال الحروب الأكثر دموية.قد يبدو لنا هذا الحق بديهياً لأننا نعتبر أنفسنا في قمة السلم. ولكن يكفي أن يتدخل شخص شخص ثالث في اللعبة، زائر آتٍ مثلاً من كوكب آخر وقد أمره الله: «سوف تكون لك سلطة على كائنات الكواكب الأخرى كافة»، فتصبح عندئذ بداهة التكوين موضع شك في الحال

لم يكن صراخها لهاثاً ولم يكن تأوّهاً، بل صراخ حقيقي. كانت تصرخ بصوت عالٍ إلى درجة أن توماس أبعد رأسه عن وجهها وكأن صوتها الزاعق سيثقب طبلة أذنه. لم يكن هذا الصراخ تعبيراً عن الشبق فالشبق هو التعبئة القصوى للحواس: نراقب الآخر بانتباه بالغ ونسمع أدنى أصواته. لكن صراخ تيريزا كان بخلاف ذلك، يريد أن يُرهق الحواس ويمنعها من الرؤية والسمع. كانت المثالية الساذجة لحبّها هي التي تزعق في داخلها راغبة في إلغاء كل التناقضات، وفي إلغاء ثنائية الروح والجسد، وحتّى في إلغاء الزمن.

عندما كان سيمون يفكر في ذلك اللقاء كان يشعر بالخجل من وَهَله. من المؤكد أنه لم يُعجب أباه. أما هو فأُعجب بأبيه. كان يتذكر كل كلمة تفوّه بها مستصوباً مواقفه أكثر فأكثر. هناك جملة على الأخص علقت بذاكرته: «إدانة هؤلاء الذين لا يعرفون ماذا يفعلون، عمل بربري». وعندما وضع عمّ صديقته كتاب التوراة بين يديه، تأثر بكلمات يسوع التي تقول: «إغفر لهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون». كان يعرف أن أباه ملحد ولكن التشابه بين الجملتين كان بالنسبة له وكأنه رمز خفي يعني أن أباه يستحسن الطريق التي اختارها.